#وزارة_الثقافة #مديرية_المسارح_والموسبقا تقيم #مهرجان_مسرح_الطفل لعام 2024 اعتبارا من 12-1-2024
#دمشق مسرحية (أخوة الجنون) بمناسبة يوم المسرح العربي على خشبة #مسرح_الحمراء
إعلان عن مسابقة النصوص المسرحية – الدورة الرابعة
#وزارة_الثقافة #مديرية_المسارح_والموسيقا احتفالاً بيوم الجاز العالمي تقدم Brass Temper 30نيسان على مسرح الحمراء ، الساعة السابعة مساءً
مسرحية «نديمة» لعلي صطوف..غسالة الدم

مسرحية «نديمة» لعلي صطوف..غسالة الدم

الكاتب : سامر محمد اسماعيل



تعيدنا مسرحية «نديمة - 16- 30 - أكتوبر - مسرح القباني» إلى عروض المونودراما السورية التي لطالما كانت أقرب إلى الفن الشخصي كالتشكيل والشعر منها إلى التجربة الفنية الجماعية، لكنها في العرض الذي كتبه وقام بإخراجه الفنان علي صطوف تأخذنا أيضاً إلى عرضٍ تتضافر فيه كل عناصر المسرحة من إخراج وتمثيل وإضاءة وأزياء وموسيقى مع حكاية « نديمة - روبين عيسى» المرأة السورية التي تعرضت للتهجير القسري من بيتها؛ فكانت من بين آلاف العائلات التي ذاقت آلام النزوح الداخلي؛ لتستقر بعد فقدانها لأفراد عائلتها من زوجٍ وأبناء في قبو إحدى الأبنية؛ وذلك مقابل عملها في غسيل الثياب لسكان هذا البناء. من هنا تبدأ مفارقات كثيرة زاوج عبرها كاتب ومخرج العرض من خلال استعارة الملابس التي تغسلها الشخصية بين حيوات مختلفة لأصحاب هذه الملابس. لكن لا حدود فاصلة بين الحكايات التي تنبلج من الثياب المغسولة وبين ماضي «نديمة» الفتاة الفقيرة التي تزوجت باكراً من رجلٍ عقيم ومتجبر، دفع بها إلى بيوت الدعارة واهباً جسدها الشاب لرفاقه ومريدي الرقص الشرقي؛ حيث يخبرنا زمن العرض-»50 دقيقة» والذي أنتجته وزارة الثقافة - مديرية المسارح والموسيقى أن «نديمة» تتحول إلى «مهجة» الراقصة المغناج والمضطربة نفسياً؛ فبين تقلبها تحت أجساد رجال لا تعرفهم، وثياب نساء وأطفال ورجال البناية يصبح الجمهور أمام قصص متشابكة ومتداخلة كتداخل حبال الغسيل الذي ملأ فضاء الخشبة، غسيل لا يبدو ومنذ اللحظة الأولى للعرض أنه غسيل شرطي، بل هو غسيلٌ وطني مطبوخٌ بالدم على نار الحرب، لا بالماء والصابون بل بدماء من قضوا في مختلف المدن والبلدات السورية، خصوصاً فاتحة العرض التي استهلته الشخصية برمي البطاقة الشخصية لها « الهوية» في حوض من الماء.
إشارة قوية لرفض هذه المرأة لهويتـها الغائـمة في زمن تذابح الأخوة واقتتالهم في عامه الرابع على التوالي، فلا رقم القيد ولا العلامات الفارقة ولا حتى الرقم الوطني أو «الجنسية العربية السورية» كان قادراً على إقناع « نديمة» أنها تسكن في وطن، بل في مسلخٍ شعبي تزداد فيه يومياً نسبة ثياب الجثث التي تغسلها في مراجل معدينة صدئة، لتنفر شخوص هذه الثياب في فراغ القبو المعتم عبر إضاءة الفنان بسام حميدي، وجنباً إلى جنب مع موسيقى الفنان باسل صالح، وديكور محمد وحيد قزق، حيث لا يخفى الجهد الجماعي لفريق العمل، لا سيما كثافة الأزياء التي صممتها الفنانة ريا قطيش للإطلالة على مسرح الأغراض مرةً أخرى في عروض الريبرتوار السوري.
فالفضاء هنا تكدست فيه مجموعة كبيرة من ثياب الموتى المنقوعة جيداً بصابون وبخار الحكايات التي تعرفنا أكثر فأكثر الى خيانات زوجية ووطنية تكشف عنها « نديمة» وذلك من خلال أداء لافت للفنانة روبين عيسى التي كرست كل أدواتها للتنقل بين قرابة العشرين شخصية على الخشبة؛ مستعيرةً طبقات صوت مختلفة من طفل إلى طفلة إلى نساء ورجال وعجائز مروا في ذاكرة غسيل لا يجف؛ مثلما تراءوا كبشر ماتوا وما زالت ثيابهم المدماة تحكي قصتهم.
قصة «نديمة» التي نجح المخرج صطوف بالتعاون مع الدراماتورج رانيا ريشة في توضيب منادمتها المطوّلة مع الغسيل الوطني الوسخ، لاسيما في المقاطع التي حاول النص تدجين الشعر لصالح الخشبة؛ مرةً في استعارة صوت الشاعر العراقي مظفر النواب في مقطوعته النبطية « يا حزن ما عرفتك» ومرةً حين تغني «نديمة» مسكونةً بأزيائها المبللة: « يا دود.. حلفتك بالنبي داوود؛ لا تاكل أبو عيون السود»..

سامر محمد إسماعيل