ثورة أون لاين :

رحلة طويلة كثفت عوالم مستهجنة من قبل أبو سعيد مدرس التاريخ (إعادة تدوير)على صالة مسرح القباني بدمشق، عبر الرواية لقصص طويلة، عاشها وخبرها، كي يقدم رؤيته بكثير من الجرأة والمكاشفة لحقائق، لم يتوان عن فضحها معللا رؤيته الفكرية بالاستناد على وقائع وحقائق وبأسلوب المونولوجست.. فأبو سعيد مدرس التاريخ وما يعنيه كدلالة الوقوف على المعرفة بالأحداث والحقائق كما الوثائق ، يترك كعمله لمدرس لأن راتبه لم يعد يكفيه، ويتجه إلى العمل وكسب رزقه من مخلفات القمامة... فيبدأ عالم العرض في تقديم مفارقات ذكية وكبرى، تنطلق من الذات إلى الحياة العامة، ثم المؤثرات التي تصوغها، دون أن يغفل، ما يروج له من تلفيق، تطال واقعنا من قبل الأخريين في الخارج، وهاهو أثناء جمعه القمامة، يأتي في طريقه صندوق أسود، فيتهم بالإرهاب، حتى يكاد يشار بالبنان إلى أن ذلك الإرهاب، قد صنعوه وصدروه للناس، وهي الآلية التي يفبركون بها أحداث وأحداث، يستثمرونها في لبوس من النفاق والكذب، يستخدمونها لصالح سياستهم.. وها هو أبو سعيد، أثناء رواية تلك التجارب التي مر بها، يفضح كل ذلك، حتى أنه أعلن أن المزبلة، تعكس حياة الناس العامة على تفاوتهم بشكل دقيق، بينما التاريخ يكتظ بمراوغات وبالتشذيب والتنقيح والبعد عن الحقائق، ليقدم العرض ربطا بين العام والخاص، وحتى على المستوى العالمي، بين حياة الناس الحقيقة، وبين ما يلفق من حقائق، وقد مر على قضايا كبرى، إذ بدأ البحث في القمامة، كي يكون مدخلا يتهكم من خلالها، منتقدا قضايا كبرى، تبدأ من التاريخ، وتنتهي بالسياسات والثقافات، عارضا الأوضاع التي يعيشها السوريون والتحولات التي يعيشونها على كافة الأصعدة، وبناء عليه يقدم صناع العمل اقتراحا هاما، يحمل التشكيك في كل شيء، إذ أشاروا أن كل ما نراه يحتاج إلى التمحيص إلى الدقة إلى إعادة التدوير، حتى نقارب ماهيته الحقيقية، وليس كما يقدم لنا. مثلما ورد مخرج العمل في برشور العرض حين قال : ماذا لو كان كل ما جرى هو جملة من الأكاذيب التي تم ترتيبها والاتفاق عليها، عند هذا المفصل يكون لزاما على الجميع ... إعادة التدوير.

عرض إعادة تدوير من إنتاج مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة نادي المسرح القومي وهو من تأليف وبطولة أسامة جنيد ومن إخراج وسينوغرافيا سامي نوفل ومساعد مخرج رامي سمان وتصميم إضاءة ريم محمد وتنفيذ فني للديكور ريم عبد النور ومختارات موسيقية سامي نوفل ومونتاج ومكساج ياسين توتنجي وتنفيذ إضاءة عماد حنوش وتنفيذ الصوت شادي ريا وتصوير فوتوغراف طارق السعدوني ومدير منصة عمر فياض وملابس وإكسسوار علي النوري.

آنا عزيز الخضر