#وزارة_الثقافة #مديرية_المسارح_والموسبقا تقيم #مهرجان_مسرح_الطفل لعام 2024 اعتبارا من 12-1-2024
#دمشق مسرحية (أخوة الجنون) بمناسبة يوم المسرح العربي على خشبة #مسرح_الحمراء
إعلان عن مسابقة النصوص المسرحية – الدورة الرابعة
#وزارة_الثقافة #مديرية_المسارح_والموسيقا احتفالاً بيوم الجاز العالمي تقدم Brass Temper 30نيسان على مسرح الحمراء ، الساعة السابعة مساءً
فصولاً من الألم السوري على حبل غسيل...العرض المسرحي «نديمة» الهروب إلى الأمام

علي الحسن

فصولاً من الألم السوري على حبل غسيل...العرض المسرحي «نديمة» الهروب إلى الأمام علي الحسن

الكاتب : فصولاً من الألم السوري على حبل غسيل...العرض المسرحي «نديمة» الهروب إلى الأمام علي الحسن

21/10/2014 ( الوطن )
فصولاً من الألم السوري على حبل غسيل...العرض المسرحي «نديمة» الهروب إلى الأمام

علي الحسن

21/10/2014 ( الوطن )


على مسافة من استحياء يقف «نديمة»؛ العرض المسرحي السوري (خشبة القباني) للفنان علي صطوف كاتباً ومخرجاً بعيداً عن الحرب التي تجري في البلاد على الرغم من أن فضاء الخشبة بدا مشرّعاً ومعدّاً على نحو لافت، وأن ملامح لمحمولات حكاية العرض امتلكت مفاتيح مهمة للخروج بعرض مسرحي يرقى لذائقة التلقي ويتعالق مع الحالة السورية ذات المشهديات الجحيمية إلا أن «نديمة» راح إلى الحكايات العادية الأقل معاناة ليروي حكايات نساء معنفات؛ الحكايات التي كان لأثرها وتداعياتها الحيّز المهم في تعاطي الفن والمجتمع معها خلال سنوات ما قبل تدهور الحالة السورية وهي تعيش منذ أربع سنوات ويلات القتل والذبح والتشرد والنزوح ومن هنا تحديداً؛ من التشرد والنزوح يدخل العرض من الباب الضيق إلى الراهن السوري أو من نافذته المفتوحة على الألم ليسرد حكاية امرأة سورية أجبرتها ظروف خاصة وعامة للهروب؛ زواج مبكر من رجل عاقر متزوج، وحملها من آخر تحبه لتجد نفسها وتبعاً للعرض في حكاية شخصية أخرى (مهجة الرقاصة) بفعل فاعل الزوج وتحت إمرته مجرد جسد يتناوب عليه الرجال في ملهى ومرقص ليلي وبيت للدعارة، لتنجح بعدها بفعل المصادفة والخيبة في العثور على «أولاد الحلال» في بناء كعاملة لغسيل الثياب حيث تتخذ من قبو البناية مسكناً وملجأً وعملاً تقتات منه وسط حالات من الفقد والحرمان والرجاءات والآمال المقتولة والتوترات النفسية والعاطفية والانكسارات الإنسانية.

شريط وبيوت ورواسب
«نديمة» العرض المسرحي/المونودرامي الذي تصدت له تمثيلاً الفنانة روبين عيسى يغزل حكايات شخصياته المركبة والمتداخلة من خلال الثياب المغسولة أو المعدّة للغسيل حيث تستعيد البطلة هنا «نديمة» حكاياتها بالتزامن مع استعراض سريع وغير حيادي لأسماء أصحاب الملابس وانطباعاتها عنهم أطفالاً وشباباً ونساء ورجالاً، وهنا كان أمام العرض المسرحي وضمن الشروط المسرحية وخياراتها أن يمارس انزياحات أخرى لأصحاب الملابس لسرد حكاياتهم وأثرها وتأثرها بالراهن المعيش في الحرب ومآلات المصير إلا أن «نديمة» أهمل هذا الجانب ولم يذهب بعيداً في إظهار الحيوات الحقيقية لقاطني البناء وتفاعلهم مع ما يحدث في الحي والبلد مركزاً أكثر على حكايات نديمة– المركبة في عدة شخصيات- وحالات الخيبة والفقدان وهي تستعيد شريطاً من فصول حياتها جنباً إلى جنب مع استعراض حكايات نساء أخريات تتمثلها وتتقمصها «روبين عيسى» فجاء «نشر الغسيل» ليحمل إشارة مركبة إلى نشر حكايات النساء في البيوت المعتمة من جهة وإشارة إلى محاولة تنظيف ما تراكم من رواسب الزمن على الشخصيات المتعبة والمستلبة وتأتي حركة متواترة تقوم بها الشخصية لغسيل اليدين حركة «تطهرية» للذات والخلاص من الخطايا الفردية والجماعية في واقع مثقل بأشكال من المعاناة.

تحايل ومقاسات وجثث
العرض الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقى بدا لجهة الخيارات والمحمولات أنه مارس نوعاً من التحايل على الظروف الراهنة في الهروب أفقياً إلى قصص نساء «معنّفات» أو «متضررات» بدل الحفر العمودي في تداعيات الراهن على الوجع الحقيقي للمرأة السورية الذي يصل حد المأساة كونها – المرأة- مرآة صادقة للألم والوجع؛ التحايل أو التذاكي الذي كان مكشوفاً أيضاً أمام جمهور سوري حذق خبر المسرح وخبر الواقع ليجانب العرض بالمحصلة النجاح في رصد الآثار المدمرة للأزمة الراهنة ومآسيها وويلاتها.
ربما ليس مطلوباً من عرض مسرحي لجهة خيارات علي صطوف مؤلفاً ومخرجاً هنا أن يقول كل شيء وعلى مقاسات متلق فللعرض في النهاية حق القول الفني من الزاوية التي يرى أو يريد من عمل مسرحي لكن لتوقيت العرض ومزامنته للراهنية السورية أيضاً سطوة الحضور لجهة التلقي وتوقع طرق الاشتغال المسرحي لعرض سوري على خشبة سورية تجد مثلاً دماءً على ملابس معدّة للغسيل حتى بإضاءة حمراء، وعليك كمتلق أن تستبدل أنت الماء بالدم وتذهب إلى الأحمر بدل الأبيض الناصع، وعليك أيضاً أن تتخيل أن قطع الملابس المنشورة على حبل الغسيل هي لمفقود أو لميّت مقتول أو لشهيد أو لمرأة تنتظر أن ترى ابنها أو زوجها وهي لا تعرف لغائب مصيراً، وعليك أيضاً أن ترى قطع الملابس جثثاً معلقة في الساحات وهي المشاهد الحقيقية التي عاشتها بعض المناطق السورية التي كان سكانها يفتحون عيونهم في الصباحات المبكرة على أشخاص قتلوا وعُلقت جثثهم أمام مرأى الجميع، وعلى نساء اتهمن بـ «الزنا» وقد أقيمت لهن «حفلات جماعية» للرجم في الحجارة حتى الموت، وربما أيضاً لا تذهب بعيداً إن تخيلت أن الخشبة تحولت إلى دوامة ماء تبتلع قلوب الأمهات اللاتي اختار أبناؤهن الذهاب إلى بلاد بعيدة، هنا تماماً «معادلة الواقعي والفني» «الإشكالية» عندما يتجاوز الواقع الفن وعندما يكون للفن خياراته الأخرى الإسقاطية والدلالية.

اشتباك... ياحزن
كل ذلك لأن العرض مهّد للقول السوري الراهن منذ البداية عندما تقرأ علينا الشخصية بيانات بطاقتها الشخصية (الهوية): من الاسم واسم الأب والأم والقيد والرقم الوطني ومن هنا ولأن أفق التلقي كان مرفوع السقف بفعل فاعل الواقع المأساوي ولأن المأمول والمفترض في المسرح أن يكون في فضاء وقلب الحدث لجهة التوقيت جاء التفاعل مع «نديمة» باهتاً لدرجة فقدان التعاطف مع حكايات شخصيات العرض التي جسدتها ببراعة روبين عيسى التي جاء أداؤها التمثيلي بارعاً وهي تستخدم في سهل ممتنع الجسد بكل طاقاته ومكنوناته المشاعرية والتفاعلية المتلونة والمتواترة في خطوط بيانية شديدة التعرج من الضحك إلى البكاء والرقص والدعاء والصلاة و..، مستثمرة فضاء الخشبة لينقذ ماء وجه العرض إلى جانب اشتغال ريا قطيش على الأزياء بالأحجام والألوان ومحمد وحيد قزق على الديكور الذي جاء تصميمه ناجحاً ومفتوحاً لأشكال اشتغالات مسرحية لافتة حيث حضرت حبال الغسيل، متعددة الاستعمالات إلا أن النص لم يستفد من تلك الفضاءات إلى الدرجة القصوى وإن بدا أن اشتغالاً راهناً وقع عليه ليواكب جوانب من الراهن، كذلك فإن اشتباك حكايات الشخصيات المتعددة وتداخلها أضعف من العمل بدلاً من أن يكون عاملاً مساعداً وإضافياً لخدمته وخاصة أيضاً أن الممثلة روبين عيسى تمتلك طاقات خلاقة لجهة التمثيل في أداء أدوار مركبة وقد حاولت أن تقول بالمنطوق النصي والجسدي ما أراده العرض واجتهاد يسجل لها، كذلك بدا أن لمسات وخيارات الدراماتورج رانيا ريشة في الاشتغال على العمل حاضرة لجهة المشهدية لمجمل عناصر العرض في خلق بيئة حاضنة ومشرعة على المقولات التي أرادها الفنان علي صطوف (خريج المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تفوق وجهه المخرج على وجه الكاتب) في ظل أجواء من المعاناة والحزن المدعمة بصوت مظفر النواب وقصيدته المغنّاة « يا حزن ياريت أعرفك وين تسكن جنت أقل لك لا تجيني.. وتمشي كل هاي المسافة.. آني وحدي جان اجيتك.. يا حزن وحياة حزنك ما عرفتك.. جنّك مغير مشيتك.. حاط ريحة رخيصة كلِّش يا رخيص شكًد بجيتك».
«البيوت أسرار» (قالوا) لكنها ليست أسرار الجارات في نميمة القهوة، ثمة أسرار للوجع المر، وثمة أسرار مدفونة في البيوت، فأي غسيل أراد «نديمة» نشره وأية حبال تلك التي تقوى على حمل حكايات المعاناة والألم.

( بطاقة العمل )
تأليف و إخراج : علي صطوف
تمثيل : روبين عيسى
دراماتورج : رانيا ريشة
مساعد مخرج : نوفل حسين
الإعداد الموسيقي : باسل صالح
تصميم الديكور : محمد وحيد قزق
تنفيذ فني للديكور : ياسمين أبو فخر
تصميم الملابس : ريا قطيش
تصميم الإضاءة : بسام حميدي
فوتوغراف و تصميم الإعلان : بسام البدر
مكياج : سامية فريسان
مدير المنصة : هيثم مهاوش